الاثنين، 5 أغسطس 2019

إسرائيل خَطَّطَت لما بَعْدَ المستحيل

إسرائيل خَطَّطَت لما بَعْدَ المستحيل
عَمَّان : مصطفى منيغ
أَتَشُكُّ في أَمْرِي، وَأَنْتَ الساكن الثاني بعد قلبي في صَدِْري، لا تترُك عِنادكَ يَحُول بينكَ وفِكْرِي،أو تجعل جفاك خنجراً يطعنني في ظهري، أنتَ تعلمُ أنني أحببتُكَ قادرة على إعلانها خائنة للسر، لأيام كنتُ بجهد جهيد أداري حتى كَلَّ صَبري ، أعرفُ أنَّ المبادئ عندكَ من قُدسية القَدَر ، أوليس الحب الطاهر منها أم "يهوديتي" العائق الأكبر؟؟؟ ، وما الدين غير رغبة تقربنا لرحمة الخالق القادر المُقتدر المُقَدِّر، لو كان البعاد بيننا دولة فأنتَ مملكتي مستقبلاً بَدْءًا من الحاضر ، أينما كنتَ أنا معك لرضاك دون تأخير، لأكون أمتعَ رحلة تَجوبُ معها أقطار يابسة وتقطع بحاراً بحراً بعد بحر، نقفزُ معاً  خلالها فوق الحروب  ونمسحُ من قاموس حديثنا بالعربية والعبرية كلمات الكراهية والحقد والغدر ، ذاك ما أريدهُ منكَ ولن أغيِّرَ شيئا ممَّاَ اعتبرتُهُ قراري ، اتخذتُهُ عن مَيْل ٍلأحاسيس وجداني  بل لقناعة عقلي بل لرعشة سعادة أظهرَها نحوكَ قلبي  لأجعلك بمحض إرادتي مصيري . أضفني لمن تعشقُ في إسرائيل قائمة مؤدية عملها في حذر ، مما قد يصيبكَ بسببها لحساسية منصبها الغير معترف بالعاطفة من أجل المصلحة يُغَيِّر حتى المُحصَّن ضد التغيير ، ألا يقبل دينكَ بضمّْ أربعة لعشك فبما الانتظار ؟؟؟ ، لأكون لك الثانية أو الثالثة أو الرابعة كما يحلو لك الاختيار، شرطُكَ مَقْبُول فما كنتُ يوماً مُتَدَيِّنَة ولا عرفتُ السكينة الروحية إلا معكَ في الأخير . وإياكَ أن تتركني في دنياي وحيدة أقرب ما أكون للانتحار . أهي لعنة  معابد (البارثنون ،  أثينا ، أريخثيون) أصابتني بحبكَ ذي المفعول المُحَيّر؟؟؟، أم هي صورتك َنُقِشَت بين خلايا مُخِّي خُلِقْتُ بها تجسَّمت فيكَ وأنتَ أمامي في ذاك اليوم بين الضُّحى والعَصْر ، فكيف أتخلَّصُ منكَ وأنتَ أنا في المَكنون بين الحشا وفي الواقع الظاهر ، أتَرَى يا متعةَ روحي إلى أي مدى ارتبطتُ بكَ في وقت لا يسمح بضيقه لمثل الالتحام لكنني في مثل الحالة لا أعطي للزمان أي اعتبار. ليس هذا من عمل السَحَرَة بل حَظّ الظمآن الهائم بين الفلوات المنقاد تلقائيا لغدير ، ماؤه من حلاوة العسل بذوق يقرب المُنتَظَر ، ذاك الحبيب مثلكَ الذي مهما فَقَدَت المُتَمَسِّكَة بكَ مثلى لن تخسرَ شيئا ولا أنتَ بالخاسر . بل رابحان نصبح معا لوصال يطال ما بقي لنا في هذه الدُّنَيا من عمر.
... ما سبق كان نصاً مترجما عن العبرية لرسالة سلمتني إياها مضيفة الفندق حيث أقيم في أثينا، نَسَبَتْها لفتاة ما كادت تَصِفها لي حتى عرفُتها ، ولم أتعجب مما تبادر لذهني وهي تودعني آخر مرة من عشرة أيام خلت، وداعا ما استطاعت ملامح وجهها أن تخفي ما سيأتي بعده ، لم أتعجب لكتني انتبهت لمكيدة قد تكون مهيأة للزج بي في متاهة تبعدني عن الهدف الذي أتيت من أجل تحقيقة إلى أثينا والذي قطعتُ فيه شوطاُ يشجعني على الاستمرار ، إذن الحيطة واجبة ما دامت الحرب الهادئة الناعمة بيني والمخابرات الإسرائيلية متجهة صوب التصعيد بشكل مبتكر جديد أوله ضبط الدليل لضمان حصول القطيعة بيني والمحسوبة عليَّ في قلب تلك المؤسسة ، بكل ثقلها وما تتوفر عليه من سمعة الإتقان والسرعة الفائقة لكسب النتائج المريحة مهما كان صنف العمليات المعهود لخوض غمارها في أي نقطة من العالم ، وإذا كانت "البهلولية" بكلمتها النافذة استطاعت إبعادي عن المخاطر وما أكثرها ، فإنها بمثل الكلمة ستكتشف مَن وراء مصيبة مراقبتي لغاية الحصول عما يجعلها (كما يظنون) تبتعد عني قلبا وقالبا لصالح تلك المؤسسة .
... لم تكن بمستوى المفاجأة التاركة بصمة على الحدث الذي أتيتُ بدعوة من سفير المملكة المغربية في اليونان من أجل المشاركة المباشرة فيه احتفاء بمناسبة عيد العرش، حيث لمحتُها كأنها تنتظرني بباب السفارة المغربية الكائنة بجانب السفارة الإسرائيلية ، بل تقدمت صوبي لاستقبالي بالأحضان كأنها تنقل معلومة قيمة لرجال الأمن المغاربة هناك لسبب من الأسباب حتى تلك الساعة أجهله ، بل الأدهى من ذلك  أمسكتني من يدي لنلج معا تلك البناية الضخمة حيث استقبلنا السفير رفقة حرمه كباقي الشخصيات المدعوة بترحاب حقيقي نبيل، لكن  ما بدر مني أثار انتباه بعض الموظفين بحيث همست في أذنه مستفسرا بجدية عن سبب عدم وضع العلم المغربي بجانب الصورة الكبيرة الحجم للملك الحسن الثاني  أعائد ذلك لازمة أعلام تحياها السفارة أم مجرد سهو واقع عن حسن نية .  احتضنني السفير بقوة وشكرني بكلمات طيبة نابعة من مغربي يحب وطنه، ليتجه مسرعاً صوب معاونيه يستعجلهم إحضار العلم ووضعه بجانب صورة الملك الحسن الثاني .
... إذن المرأة معروفة من لدن الجميع وبما أن سفارة بلدها إسرائيل أقرب ما تكون لسفارة المملكة المغربية فهذا يعنى أن تنسيقا ما قائم بين جهازي البلدين المكلفين بالتخابر على أعلى مستوى وبذكاء خارق للعادة يتمتع به المغاربة ذوي الاختصاص حالما علمت بتفاصيل طرقت أذناي بالصدفة داخل ملهي اقترح علي أحد الأصدقاء الليبيين المنتمي لأسرة  وزير الشؤون الخارجية بالجماهيرية العظمى  لنسهر مع أشخاص يهمني معرفتهم عن كثب وللتمتع بسماع صوت شقيقة المطربة  السورية ميادة الحناوي التي ستكون نجمة السهرة بحضور عائلات عربية و يونانية وأجنبية . 
قبلتُ الذهاب للملهى لاعتبارات ثلاث ، أولا لمعرفة عمق هذا التسابق لمراقبة ما يتعلق بشخصي عملاً كان او مجرد وجهة نظر أبديها في مسألة عامة ، ثانيا إلى أي مدى يصل هذا الاهتمام وما الغاية من ورائه ؟؟؟، ثالثا وماذا بعد الاطلاع على المصادر الحقيقية المحركة لهذا الاهتمام؟؟؟ ، 
بالفعل صدق حدسي ، فقد تجمعنا على نفس المائدة ، العبد لله وصديقى من أسرة وزير الخارجية الليبي واثنان من ضيوفه (من المخابرات الليبية) وشخص (رجل أمن مغربي) وأَمِينَا (من المخابرات الإسرائيلية) وسيدة يونانية لها علاقة وطيدة بصديقي الليبي المدعية أنها وراء حضور أمينا لارتباطهما بصداقة وطيدة منذ سنوات . أمينا اختارت مقعدا بجانبي عن قصد بين الحين والآخر تهمس في أذني بكلمتين لا ثالث لهما "التزم الصمت"، فلا أجد غير الابتسام أطمئنها به ، ومع مرور الوقت اتضح لي أن الجانب الليبي حضر بنية إفشاء ما كُلِّفَ بإفشائه من أسرار نلتقطها كل من باب اختصاصه عسى تتوصل الجهة الليبية المختصة بردود الفعل بعد نشرها بواسطة صحافة محايدة ومنها جريدة الشعب وصاحبها مصطفى منيغ، لكن النتيجة جاءت معاكسة حيث نهجت إسرائيل من ساعتها سياسة لا يمكن أن ينتهي مفعولها إلا بالقضاء المبرم على القذافي ونظامه ، الذي كان في نيته الدعوة لتأسيس دولة يتوحد فيها الفلسطينيون والإسرائيليون تحت عَلَم واحد يرأسها يهودي إسرائيلي ويكون على رأس برلمانها مسلم فلسطيني ، يتكلف القذافي بتمويل الجزء الأكبر من حاجاتها المالية لمدة خمس سنوات ، وأيضا بالضغط على الدول العربية للقبول بالفكرة ، بل عقد قمة عربية استثنائية في طرابلس الغرب للإعلان الرسمي عن ذلك ، لم تكتف إسرائيل بنهج مثل السياسة الرامية أولا وأخيرا لاستئصال القذافي ونظامه من ليبيا، بل خططت لمشروع جد خطير تحت شعار "إسرائيل لما بعد المستحيل".   
 مصطفى منيغ

Mustapha Mounirh

الجمعة، 2 أغسطس 2019

المغرب في تاريخ اليهود نصيب/6

المغرب في تاريخ اليهود نصيب/6
رام الله : مصطفى منيغ

مع اللحظة الحاسمة تقفُ كل الاحتمالات في مساحة التكهُّن لساحة العقل المُتفحِّص المُحلِّل المُقارن المُؤخِّر والمُقِّدم عسى يُرجِّح كفة إحداها فتتشرَّف وتتَّخذ موقعها في أعلى الصفحة عنواناًً للحدث المُقْرح أو المُفْرح ، إذ بعد خمس وأربعين دقيقة سأكون وجهاً لوجه مع العقيد معمر القذافي لنتناقش ونتحاور بأسلوب سأفرضهُ (إن استطعت) ليكون بالواضح وليس المرموز آخره كأوله صَرِيح ، طبعاً لستُ إلاَّ مواطناً مغربياً سيجلسه قدره مع رئيس دولة يُعادي وطنه شاهراً انحيازه لأطروحة تناقض تماماً ما يُبشر به منذ انقلاب الفاتح من سبتمبر كرسول لا يشق له غبار لوحدة الأقطار العربية وإيقاف ما من شأنه تفتيت هذه الوحدة وفي ذات الوقت يساهم قولاً وفعلاً في خلق دُوَيْلَةٍ بتوافق تام مع النظام الجزائري . بالتأكيد سأُحضِِرُ معي القضية الفلسطينية ما دامت ليبيا قادرة على التأثير بما تملك من مال يتضاعف حجمه كل ساعة من ساعات الليل والنهار، وما تختزنه من عتاد يكفى ربعه في يد الأحرار الفلسطينيين لإيقاف إسرائيل عند حدها ، وبالتالي ذاك المشروع الإعلامي الضخم الذي أسَّسْتُ من أجله بمدينة العرائش المغربية جريدة "الشعب" لتكون لسان حق وخادمة أمينة لمجال الصحافة بالمفهوم العلمي الدقيق وأخلاقيات مهنة لا شيء يضاهيها في نشر ما ينفع الناس  مهما تواجدوا ناطقين بلغة الضاد ، جاعلة من بروكسل عاصمة المملكة البلجيكية مقرا مميزاً لها .
... أخرجوني من باب خلفية للفندق الذي أقيم فيه منذ أيام خمسة لأركب سيارة مما يصعب ركوبها مرة ثانية لرفاهيتها الزائدة عن المألوف مصحوباً بامرأة (من حارسات القذافي) ورجل (مكلف بالمهام الخاصة) وما أن وصلنا  حتى لمحت القذافي واقفا لوحده ينتظرني تقدمتُ نحوه بخطوات ثابتة وعيني لا تفارق محياه  عن قصد ، صافحني بحرارة وقادني لخيمة بها مقعدان ومائدة صغيرة مهيَّأة لاحتواء معدات القهوة وبضع أطباق مملوءة بأصناف من الحلوى المحلية الصنع .
سألني عن المعاملة التي استُقبلتُ بها في الفندق، فأجبته: كما كنتُ أنتظره الكرم والاحترام، والشعور بالأمن والسلام.
- نحن في حاجة لمزيد من الوقت حتى نَطمئِن تماما أن الثورة نجحت في خلق ليبيا بطعم جماهيرية لم يتذوق العالم مثيلا له من قبل .
- دورك في ذلك (الأخ العقيد) لا يُحسد عليه .
- كيف؟
- الجديد الغير المألوف يظل جديدا غير مقبول بيسر لدى عامة فرضت عليها (قبل الثورة) ظروف الأمية والفقر الناتج عن عدم تكافؤ الفرص K نوعا من التحفظ الذي يتلاشى متى عمَّ البشر الازدهار، من نوع آخر،
- ممكن أن تتوسع أكثر؟.
- لو دعوتَ جائعاً ليبياً لتناول الطعام وأدخلته بيتكَ ورأى أثاثه المبتاع بالغالي النفيس، وأحضرت له طعاماً تسبقه رائحة تُسيل اللّعاب وتُفرح النفس، وقبل أن يبدأ أخبرتَهُ أن بالطبق أمامه لحم كلب، ما رأيك الأخ العقيد فيما سيحصل ؟.
انفجر ضاحكاً حتى كاد يسقط من فوق الكرسي، فاغتنمتُها فرصة لأكملَ حديثي في نفس السياق:
- المسألة لن تتوقف عند هذا الحد بل ستتطور عندما يخرج من عندك كما دخل جائعا ، لن يكف عن ترديد أنك أردتَ إطعامه كلباً، والمصيبة ستكبر إن قالها وهو باكيا.
- لن يصدِّقه أحد.
- قد يجوز، وأنت هل ستكذبه ؟؟؟، المسألة كما قلتُ تبدوا جديدة غير مألوفة وحتى يستوعبها الجميع فيتقبلها بحماس منقطع النظير ، المفروض أن تتوفر داخليا لكل فرد ما وعد به الكتاب الأخضر دفعة واحدة مهما كان المجال ، الإمكانات المادية متوفرة،  والأدمغة الوطنية المؤطرة موجودة . خارج الجماهيرية العظمى ، ليس هناك أشرس من العدو الصهيوني الذي لن يقبل أي نجاح لثورة الفاتح من سبتمبر العظيمة فبالأحرى انتشار ما ابتدعته من نظام حماهيري كحل موفَّق لما تتخبط فيه من مشاكل عويصة ، العديد من دول العالم ، كما قرأت في عدة كتاباتك ، ومتى وفرت الجماهيرية للأشقاء الفلسطينيين الأعزاء الإمكانات المالية في الدرجة الأولى ،  وقدمت لهم الكمية المطلوبة من العتاد وبالتالي وسائل الدفاع الدبلوماسي المغطية المحافل الدولية مهما تباينت درجات أهميتها ، ضربت ثلاثة عصافير بحجر واحد ، التخلص من الشر الصهيوني ، والمساهمة في تحرير فلسطين الحبيبة مما هي فيه ، وكسب الجماهيرية ما تستحقه من تقدير وبخاصة من الشعوب العربية قاطبة .
... هل استمر في طرح النقطتين الباقيتين أم أكتفي بهذا القدر احتراما لوقتك الثمين ؟.
- خذ الأستاذ مصطفى منيغ حريتك بالكامل ، أنا سعيد بالإصغاء إليك كما سعدتُ بسلسلة من مقالاتك التي أحيانا ذهَبَت بي للتفكير العميق في أمور عرب لا أدري إن كانوا يفهمون أم هذه الحاسة غُيِّبت عنهم في وفت ما أحوجهم إليها لإصلاح أحوالهم إصلاحاً جذريا حتى يتمكن الجميع في العيش المكيف مع وحدة منشودة أحاول تحقيقها بما أستطيع .
- تتحدث الأخ العقيد عن وحدة عربية شاملة وبالقرب منك من يقف معرقلا هذه الوحدة كما تفعل أنت بدعمك القوي لجبهة انفصالية تقودها جزائر الهواري بومدين بأسلوب لا يعادي به المغرب شعبا ونظاما بل شعوب المنطقة وأنظمتها  بما فيها شعب الحماهيرية العظيم وقائد ثورتها المباركة معمر القذافي الذي جعل العالم يحترم الفاتح من سبتمبر رغم أنف أمريكا وبريطانيا وفرنسا ومصيبة المصائب إسرائيل ، الجالس معك الآن مغربي جاء بحسن نية ليقدم لك خدمة شخصية قوامها أن القوة وحدها لا تكفي إن لم تكن معززة بمحبة الناس لك المحبة التي تستطيع بها أن تنام قرير العين في أي مكان شئت دون حراسة مخففة أو مشددة ، وحينما أقول عامة الناس لا أستثني بعض الحكام ومنهم بالنسبة لك الملك الحسن الثاني الذي جاءه من يهمس في أذنيه أن طائرتك ستدخل الأجواء الوطنية المغربية في الزمان والمكان المحددين بدقة الخبرة العسكرية المشهود لها بالكفاءة عالميا وأصبع بلامس زر انطلاق صاروخ يحولها وأنت داخلها لخبر كان ، لكن الحسن الثاني رفض بقوة  ، بل أمر بفك مثل الترتيب . فكان عليك أن تكف عن مساعدة من يريد الضرر بكما معا خاصة وأنت تعلم بما يصلك من تقارير مخابراتية أن الهواري بومدين يبحث عن ممر أرضي يربط الجزائر مباشرة بالضفة الشرقية للمحيط الأطلسي ، جبهة البوليساريو والجمهورية الصحراوية وأشياء من هذا القبيل لا يمثل إلا غطاء ظرفيا أساسه تمزيق خريطة الوحدة العربية المرسومة بهدف نبيل من طرفك الأخ العقيد ،  وعمقا  لتمديد ما سيتحول لعرقلة وخيمة تنعكس سلبا على المغرب العربي الكبير بغير فائدة تذكر . (يتبع)
مصطفى منيغ

Mustapha Mounirh

المغرب في تاريخ اليهود نصيب / 4

المغرب في تاريخ اليهود نصيب / 4
رام الله : مصطفى منيغ
ليس من شيمي الغدر ، ور أطيق ليالي يغيب عنها البدر، ولا التحدث عن عشرات المواقف التي شرفني التشبث بها من البحر إلى النهر، لكنني مستعد أن أحارب وحدي من يُعرِّض مقام "البهلولية" لأتفه خطر، إنها إسرائيلية هذا صحيح وما المانع أن تحب وترتبط بمغربي  يكره إسرائيل ويقولها في واضحة النهار. المعروف عن الحب أنه أعمى فلا بأس أن أراه مبصرا بقلبه حيثما يختار، مثلي الشريكة والرفيقة وريحانة الدار ، امرأة آية في النبل ، وألطف من النسيم العليل ، وأطيب من الطيب ولو بقليل ، أحق بمقاسمتي السبيل فهي أصدق عندي من ألف دليل، الوفية المخلصة الشريفة العفيفة أراد من أراد أو رَكبَ مَنْ رًكَّب رأسه على شكل جرار . لينطح حِقداً مَنْ توهَّم أنه بشر ، فإذا به كومة حجر ، ليخرُجَ  مهشّم الجمجمة بخيبة تُلازِمهُ متى ظَهر ، حَلَّ بيننا في بلجيكا أو لإسرائيل غَدَر ، يَقصُّ على أسياده حكاية حب جمعت قلبي إسرائيلية  ومغربي لا يهابُ من أجل الحفاظ عليها ركوبَ هيجانِ أمواجِ أَعْتَى البحار، قرَّرَ أن يعيشَ مرفوع الهمة عبر العالم أو يستشهد دفاعاً عن عرضه وأرضه كما الحال في فلسطين الأحرار ، حب لن تستطيع إسرائيل وأخواتها  استئصال  جذوره ولو صرفت ما به تستعمر القمر.
... تربية الانتظار، تبتدئ من الصِغر، ليظهر مفعولها مع الكِبَر، حيث تتحوَّل إلى عادة لا تحتاج لأمر، بتلقائية صادرة عمَّن عايَنَ الظرف فتريَّث وقدَّر، مساهماً بتنظيم المُنَظَّمِ كي لا ينهار ، أن يكون السبَّاق بمنح العِبَر، وغداً يقلده آخر ، وبعد سنة العدد يتكاثر ، ليصبح الانتظار بمفهومه الإنساني ومضمونه الواقعي (وليس السياسي) شعار مَن يخدم البلاد بالعدل والمساواة وبالحرية والشفافية لها عمَّر .
. الانتظار لفائدة ما بَعْدَهُ يَسُرُّ الأنْظار، الثابت على احترام الأدوار، الأول الأول والعاشر العاشر باستثناء المرضى والعجزة والمسنين وفاقدي البصر،
... قُلْ لِي كم تنتظْر أقولُ لك كم تُخَصِّص الدولة على خدمتك من استثمار،
... الانتظار في ليبيا القذافي مربوط كان بالقدرة على الصبر،  وليس بالقيمة المضافة لاستهلاك الوقت في المفيد العائد بالنفع لما هو أضمن وأحسن وأكثر ، مما ترك اخطبوط غير مرئي يجوب بالسرعة المطلوبة مقرات المؤتمرات الشعبية المخصصة في الصياح والهتاف بحياة القائد المغوار، المحرر الأكبر، لمن خارج أو داخل الديار، الليبية الخالية من تدبير الناشد تأسيس فواعد الاستمرار .أخطبوط إسرائيلي بعشرات الأذرع نمَي بين البرك المهجورة لعشرات المدن الليبية تمص المعلومات حتى القائمة على الإشاعات لتصُبَّ في صهريج مؤسسة مخابراتية حيث يتم استخراج المهم فالأهم فأهم الأهم ، منها لصناعة تَدَخُّلٍ سافِرٍ فيما لا يُحصى ممَّا يكلف الليبيين ما يشغلهم عن تنمية أنفسهم أو التقدم صوب الأمام صناعةً وتجارةً وإبداعاً عن طريق تسخير العلوم لإنتاج خدمات على قدر كبير من الجودة.
 ما كنت أتصور أن ليبيا القذافي تعجزُ تماماً عن إيقاف زحف عملاء جعلت منهم المؤسسة المخابراتية  المذكورة سلاحاً مصوباً لعقول الليبيين بهدف تحويل ولائها لمتطلبات الغرب وأمريكا وعلى رأس الجميع إسرائيل، بخطة تستغرق مراحل تنفيذها سنوات طوال ، كأن الأمرَ مرتبطٌ بأسْلاكٍ تعليميةٍ تبتدئُ من الأساسي لتنتهي إلى الجامعي يتخرَّج منها مَن يعادي الإسلام والمسلمين ،ومن يقود الفتن، ومن يُدَرِّس عوامل الانحلال وأسس الفساد ، ومن يحفر قنوات الحقد بين أفراد المجتمع الواحد بعضهم بعضا ، ومن يقدر على الخيانة كأنها شيء عادي ، ومن يحوِّل القيم لهيام مع الأجوف أيا كان الميدان ، وتخصصات أخرى بشاعتها تحجب ذكرها . القذافي متخصص كان في جعل الفرد يشك حتى في نفسه معتقدا أنه بالعامل يحصِّن حكمه لأزمنةٍ لا زالت في رحم الغيب، لقد درس تجارب الغير بموازاة مع التطور التاريخي لنُظُمِ الحُكْمً شرقا وغرباً ليخرج بعصارة ظنَّها الحل الأمثل الذي ستخلد ذكراه كما خلد الفراعنة ذكراهم بالأهرامات وأبي الهول ، لكن نظريته القائمة على تفتيت هيكلة المجتمع الموجهة لخلق فوضَى التضارب بين الفعل وما يرادفه لتسهيل التحكم المركزي المُرَكَّز على القائد الأوحد المختبئ وراء شعار الحكم بيد الجماهير مكتفيا بتنصيب نفسه رسميا "المحرِّضّ لتقوية أركان جماهيرية مرفوضة شكلا ومضموناً من جميع دول الأرض باستثناء من استغلت غروره لتتغلبَ على مشاكلها الاقتصادية كالتشاد لفترة وبنين لأخرى .
... مرت ثلاثة أيام على مقامي في طرابلس الغرب أتنقل بين الغرفة للقراءة والتمعن والتفكير في مرحلة ما بعد اللقاء مع القذافي إن حصل بالفعل ، وبين مطعم الفندق لتناول الوجبات الغذائية الموحدة مع النزلاء جميعهم ضيوف الجماهيرية الليبية لأكثر من سبب أهمه التطبيل والتزمير للكتاب الأخضر وما يبشر به من حلول تعم جميع التخصصات حتى تنظيم بيوت الأسر لإنجاب جيل لا ينطق إلا بانجازات ثورة الفاتح من سبتمبر ، بفلسفة لن تصمد مادام وراءها دول تتقدمهم إسرائيل المفوضة من أمريكا وفرنسا وما يتبعهما من حلفاء يسبحون في فضاء توجهاتهما لتخريب ليبيا من أساسها إلى أعلى قمة فيها . تُرِكْتُ لما يُقارب الثماني والأربعين ساعة وحيدا كما أراد هؤلاء الموزعين على المخابرتين الاسرائلية القوية من جهة ،  والليبية الضعيفة من كل الجهات وكأنني جئتُ هذا المكان لتغيير العالم ، ومع ذلك استطعتُ أن أمشي في طريقي غير مبالي بما تفعل الأطراف الأخرى  من عرقلة ليدهمني التعب وأتراجع عما يجول في رأسي من أفكار ، ومنها : (يُتبع)
مصطفى منيغ

Mustapha Mounirh

المغرب في تاريخ اليهود نصيب / 3

المغرب في تاريخ اليهود نصيب / 3
رام الله : مصطفى منيغ
رأيتُها محْمَرَّة الوجنتين من الخجل ، مصدومة من ضبط تسللها لغرفة رجل بكيفية لا تخطر على بال ، إنسانة لطيفة غير لائقة لمثل العمل ، لو كانت التي أوصتني بها "البَهْلُولِيَة" لَما ارتجفت يتراقص على خدها الأيسر من فرط الخوف ذاك الخال ، كزبيبة  طفت فوق مويجات حليب مصبوب في وعاء  ارجواني مدهونة جوانبه بالسائل المذاب من سبائك الذهب لينضاف لبهائه ما بقى مُوَزَّعاً على حِسان ايطاليا من جمال . بقيت للحظة تتأملني بشكل (صراحة) أفزعني لأرى مشروع دمعتين تتلمسان في إطلالة شعور بمسؤولية التعبير عن أسف له علاقة بصحوة ضمير لتستأنفا تدحرجهما فوق بشرة خدين تاركتان خطين صبغهما كُحْل العينين بأسود خَفَّفَ من لونه ملح الدموع في منظر يُصَدِّرُ الإحساس بالتأثر للمتلقِّي هذا الواقف أمامها المتوتر الحال ، أشرتُ لها بالجلوس بعدما أخرجتُ من جيب سترتي منديلا لتمسح به وجهها ، فتسألني إن كنتُ أتقن اللغة الإيطالية ، وكم كانت فرحتها ظاهرة حينما أجبتها بنعم، مباشرة أطلعتني عن سرها قائلة:
ايطالية الجنسية صقلية المولد والنشأة ، من أسرة فقيرة لكنها شريفة تحيا بما استطاعت منتظرة أية فرصة تُعوِّضها عما فات ، وحيدة أبواي توفيت والدتي وأصبحتُ لا مُعيل لي غير والدي الذي اشتغل لمرحلة بالتهريب ضامناً بعائداته بقاءنا على قيد الحياة ، في يوم (دون إشعاري كالعادة) رحل ولم يعد ، تاركا إياي بغير عمل أغطي براتبه ضروريات حياتي اليومية، حتى البيت لم أجد بما أدفع لصاحبه الإيجار ، نزلتُ الى المدينة (SIRACUSA) أبحث عن مخرج ولو مؤقت يريحني مما أصبحت أعاني ، وهناك قابلت بالصدفة شخصاً ، بلغة ايطالية طليقة أنهاها بعد التعارف باستعداده التكلف بترحيلي معه إلى طرابلس فيلحقني بوظيفة محترمة أبدأ بها حياة جديدة في جو آمن مريح ضامن لمستقبل زاهر، فكان ما كان ، لأجد نفسي في هذا الفندق بالذات معززة مكرمة أدخل غرفتي متى شئت وأخرج للنزهة كما أريد، بعد متم العشرة أيام حضر شخص ليرافقني إلي إدارة يوحي ما بداخلها أنها لجهاز أمني غير عادي، لم أخرج منها إلا وأنا عميلة للمخابرات الليبية بوثيقة رسمية تشهد على دلك، ولأتدرب على مراحل لأصبح كفيلة بأداء ما يُطلب مني (دون مناقشة)  من مأموريات تتضمن حتى الخادشة للحياء العام في تجرد وانسلاخ تام عن العاطفة ، ختاما الواقفة أمامك يا سيدي مصطفى عميلة للمخابرات الحاملة للجنسية الليبية قاطعة الروابط مع أصلها بل ماضيها بالكامل ، مكلفة منذ وصولك بمراقبتك المراقبة الصارمة التي أتناوب فيها مع زميل أخر ، تسللتُ لغرفتك لاستبدال شريط الآلة بآخر وعرض المضمون المسجل على القسم المختص ليقرر ما يكلفني بتنفيذه في حقك . الآلة موجودة (أشارت إليَّ أن أتبعها ) كما ترى تحت السرير. الآن إن أردتَ التبليغ عني فلك ذلك ، لقد مللتُ من هذا العمل المشين المختلف عن مثله في دول أخرى كثيرة ، حتى أنني فكَّرتُ في الانتحار أكثر  من مرة ، لأتخلص ممَّا يُمارس عليّ . كان بإمكاني ألتسلل لغرفتك دون أن تشعر لأنني مُدربة ، لكنني أردتُ أن تضبطني فتفضحني وتكون نهايتي علي يديك ، فلم أُوَفَّق لطيبة روحك ، وحسن معاملتك للمرأة كإنسانة، وثقتك العالية في نفسك مما يؤهلك للنجاح في أي مهمة أنت ادري بانجازها في هذه الديار وأقدر.
...قلت لها عن قناعة وضمير مستريح أنني متضامن معها مستعد لمساعدتها على أداء مهمة مراقبتي بما يضمن إعجاب رؤسائها بشكل ملحوظ ، وأن تعتبر كلامها معي  بداية احترامي لها لا أكثر ولا أقل ممسوح نهائيا من ذاكرتي ، وأنني على قناعة بإخراجها (مما هي فيه) في أقرب وقت ممكن شريطة أن تنظف عقلها من وسخ التفكير في الانتحار، إذ مهما الظلم طغى آخره وقوع ما يُنْتََظر، آجلا أو عاجلا، دون امتلاك أحد عن نفس التوقيت أي اختيار . قبل انسحابها ابتسمت ابتسامة ذات معنى لم ترق لي ، طبعت حدسي بانشغال ذكرني بموقف شبيه أتمنى أن استرجع صوره لأفهم أكثر خبايا الجحر المظلم الواضع داخله نفسي بمحض إرادتي و قد غاب علي من جراء تلك الابتسامة اللاعادية  متى وكيف أخرج منه ولو بأقل ضرر. وما هي إلا دقائق تقارب الخمسة حتى انتبهت لباب غرفتي تٌطرق بكيفية تنأى عن الإزعاج لأفتحه وأفاجأ بزيارة أنثوية ثانية كأن نساء هذا الفندق لم يجدن غيري للاتصال المباشر به  فاحترت بين اتخاذ الحدث نعمة أم نقمة أم إشارة لترتيبات تقربني من نقطة الانطلاق أم التوقف على حيد طريق العودة من حيث أتيت ، غمرني الاطمئنان نوعا ما والفتاة التي استقبلتها من لحظات تواجه عيناي بورقة تحمل نفس الرسم دليلا قاطعا أنها نفسها التي أوصتني "البهلولية" بالثقة فيها واتخاذها طرفا في كل ما أقبلُ على القيام به حفاظا على سلامتي . الغريب وبإشارة واضحة تحثني على التزم الصمت والاكتفاء بمراقبتها من حيث أقف لتتجه صوب السرير لاستخراج آلة وُضعت في مخبأ معد بعناية تحته بعدما استعانت على تغطية يديها بقفاز ذي صناعة خاصة وبطريقة فنية مدروسة مُسبقا ، أخرجت شريطا ووضعت شبيها له لتعيد الآلة معطلة عن التشغيل في مكانها بالضبط بغير ما يثير الشك أو التأكيد أن طرفا خارجيا مسها من قريب أو بعيد ، كما شرحت لي العملية بكل دقة خطوة بخطوة ، لتطلب مني أخر المطاف، التحدث بحرية وثقة كاملة دون ضغط أو إحساس بالخوف من أي مراقبة مؤدية . قلت لها بجدية وحزم، ممَّا أخاف ؟، لا أنا منكم ؟ ،ولا هم مهما كانوا مني ؟ ، لا ادري ما سبب كل هذا الاهتمام بشخصي المتواضع الذي لا يملك سوى بضع أفكار وحقيبة ملابس خفيفة ومذكرة أدون فيها انطباعاتي وجواز سفر وقليل من مال أدبر به أموري انتظارا لمقابلة يشرفني بها قائد هذه الحماهيرية وزعيم ثورة الفاتح من "سبتمبرها" العظيم . لما هذه المسرحية المشخصة حولي، ومن أجلي، وبالتالي حيالي ؟. ذاك أمر لا أفهمه ولا يعنيني معرفته أصلا إن جئتكِ للحق.
- هدئ من روعك واسمعني جيدا يا سيدي مصطفى منيغ المحترم الذي اعرف مستواه وقيمته جيدا بل أخذت التنويه المرفوق بمكافأة مالية  عن التقرير الذي كُلّفت باعداده متنقلة ما بين مدن بروكسل والجزائر العاصمة والقاهرة والرباط و فاس و البهاليل وتطوان والقصر الكبير التي أضفتها لإحياء الرحم مع ما تبقى من رائحة أسرتي هناك .
قاطعتها لأسألها :
- أأنت حقا من مدينة القصر الكبير ؟
- أجل بكل تأكيد.
- أين يقع أضيق درب في المدينة؟.
- يُطلق عليه درب بلهردية بحي المْزِبْلَة القريب من سيدي بلعباس.
- إلى أي أسرة تنتمي ؟.
- أسرة مردوخ المواجه دكانه لفران محاذي لساحة دار غيلان .  
الآن أصدقك ، تفضلي بإتمام حديثك .
... لقد اهتمت إدارتي بك حالما اقتربتَ أو اقتربَت منك من أطلقتََ عليها لقب "البهلولية"، وهي ما هي عليه من مكانة يُحسب لها ألف حساب، أقل ميزة تحظي بها أنها صاحبة كلمة نافذة وسط اليهود المغاربة النازحين إلى إسرائيل من عشرات المدن والقرى المغربية ، لقد أوقعتََ دهاة نفس المؤسسة وأبرز مخططيها في حيرة من أمرك ، لا هم قادرون على تصفيتك جسديا كأسهل حل ولا هم  راغبون في تركك دون معرفة دقيقة بك واطمئنان معزز بأدلة قاطعة أنك لن تستغل ارتباط البهلولية بك ارتباطا عضويا بغير انفصام في قضايا تمس الجهاز ما دامت تلك المرأة ركنا من أركانه لا يُستغنى  في الوقت الراهن عن خدماته  . طبعا لا أريد أن يعرف غيري سراً خطيرًا يعطيك ما قد لا تنساه ما حييت قيمة التضحية التي بدلتها "البهلولية" تقديرا لحبك وإخلاصا للعهد الذي ربطكما برباط مقدس عظيم ، حينما أسلمت على يدك لتلتحما على شريعة دينك الإسلام ولو أنها تمت عرفيا على الطريقة المصرية ، كان هذا يكفي للحفاظ عليها داخل قلبك خفقة من خفقاته ما دام دم الحياة متحركا ذهابا وإيابا في شرايينك . لا أريد منك جوابا يا سيدي فلنا لقاء إذا لاتمام أهم جزء في حديثي لك ومعك (يُتبع)
مصطفى منيغ

Mustapha Mounirh